responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 567
مَسْعُودٍ. وَأَخْرَجَ نَحْوَ قَوْلِ مُجَاهِدٍ هَذَا ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَقُولُونَ طاعَةٌ قَالَ: هُمْ أُنَاسٌ كَانُوا يَقُولُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، لِيَأْمَنُوا عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يَقُولُ: خَالَفُوا إِلَى غَيْرِ مَا قَالُوا عِنْدَهُ فَعَابَهُمُ اللَّهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قَالَ: غَيَّرَ أُولَئِكَ مَا قَالَهُ النبي صلّى الله عليه وسلم.

[سورة النساء (4) : الآيات 82 الى 83]
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82) وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83)
الْهَمْزَةُ فِي قَوْلِهِ: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ لِلْإِنْكَارِ، وَالْفَاءُ: لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ: أَيُعْرِضُونَ عَنِ الْقُرْآنِ فَلَا يَتَدَبَّرُونَهُ؟ يُقَالُ: تَدَبَّرْتُ الشَّيْءَ. تَفَكَّرْتُ فِي عَاقِبَتِهِ وَتَأَمَّلْتُهُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ تَأَمُّلٍ، وَالتَّدْبِيرُ: أَنْ يُدَبِّرَ الْإِنْسَانُ أَمْرَهُ، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى مَا تَصِيرُ إِلَيْهِ عَاقِبَتُهُ، وَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [1] عَلَى وُجُوبِ التَّدَبُّرِ لِلْقُرْآنِ لِيُعْرَفَ مَعْنَاهُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَوْ تَدَبَّرُوهُ حَقَّ تَدَبُّرِهِ لَوَجَدُوهُ مُؤْتَلِفًا غَيْرَ مُخْتَلِفٍ، صَحِيحَ الْمَعَانِي، قَوِيَّ الْمَبَانِي، بَالِغًا فِي الْبَلَاغَةِ إِلَى أَعْلَى دَرَجَاتِهَا وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً أَيْ: تَفَاوُتًا وَتَنَاقُضًا، وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا اخْتِلَافُ مَقَادِيرِ الْآيَاتِ وَالسُّوَرِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ: اخْتِلَافُ التَّنَاقُضِ، وَالتَّفَاوُتِ، وَعَدَمُ الْمُطَابَقَةِ لِلْوَاقِعِ، وَهَذَا شأن كلام البشر، لا سيما إِذَا طَالَ وَتَعَرَّضَ قَائِلُهُ لِلْإِخْبَارِ بِالْغَيْبِ، فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ مِنْهُ صَحِيحًا مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ إِلَّا القليل النادر.
قوله: أَذَاعَ الشَّيْءَ وَأَذَاعَ بِهِ: إِذَا أَفْشَاهُ وَأَظْهَرَهُ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ جَمَاعَةٌ مِنْ ضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا إِذَا سَمِعُوا شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ أَمْنٌ- نَحْوَ ظَفَرِ الْمُسْلِمِينَ وَقَتْلِ عَدُوِّهِمْ، أَوْ فِيهِ خَوْفٌ نَحْوَ هَزِيمَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَتْلِهِمْ- أَفْشَوْهُ، وَهُمْ يَظُنُّونَ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْعُقُولِ الرَّاجِحَةِ الَّذِينَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ فِي أُمُورِهِمْ، أَوْ هُمُ الْوُلَاةُ عَلَيْهِمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ أي: يستخرجونه بتدبيرهم وَصِحَّةِ عُقُولِهِمْ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوا الْإِذَاعَةَ لِلْأَخْبَارِ حَتَّى يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يُذِيعُهَا، أَوْ يَكُونَ أُولُو الْأَمْرِ مِنْهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْشَى وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَمَ. وَالِاسْتِنْبَاطُ: مَأْخُوذٌ مِنِ اسْتَنْبَطْتُ الْمَاءَ: إِذَا اسْتَخْرَجْتَهُ. وَالنَّبَطُ: الْمَاءُ الْمُسْتَنْبَطُ أَوَّلَ مَا يَخْرُجُ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ عِنْدَ حَفْرِهَا وَقِيلَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الضَّعَفَةَ كَانُوا يَسْمَعُونَ إِرْجَافَاتِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيُذِيعُونَهَا فَتَحْصُلُ بِذَلِكَ الْمَفْسَدَةُ. قَوْلُهُ: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا أَيْ: لَوْلَا مَا تَفَضَّلَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ إِرْسَالِ رَسُولِهِ، وَإِنْزَالِ كِتَابِهِ، لا تبعتم الشَّيْطَانَ فَبَقِيتُمْ عَلَى كُفْرِكُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ، أَوْ: إِلَّا أَتْبَاعًا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَذَاعُوا بِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ لَمْ يُذِعْ وَلَمْ يُفْشِ، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ، وَالْأَخْفَشُ، وَالْفَرَّاءُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ، قاله الزجاج.

[1] محمد: 24.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 567
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست